وكالة أنباء الحوزة - لم تكن العلاقات العراقية - السعودية في أحسن حالها، الا عندما دعمت مملكة آل سعود الرئيس المخلوع صدام حسين في حرب الثمان سنوات التي أهلكت الحرث والنسل. فقد كان صيف عام ١٩٩٠ لاهباً جدا، أمام تلك العلاقة التي تبخرت بين آل سعود وصدام، عندما أقتحمت الجيوش العراقية، دولة الكويت في أكبر عملية أستغفال أمريكية جرت على رئيس دولة في العالم وأمام أنظار الرأي العام العالمي.
ذهبت تلك العلاقة (الحميمة) بين النظامين السعودي والصدامي، عندما فتحت السعودية الباب على مصراعيه أمام الجيوش الغربية في أكبر ملحمة دولية بعد الحرب العالمية الثانية، والتي أسموها عاصفة الصحراء. وحدث الذي حدث وتحررت دولة الكويت، وهب الشعب العراقي المسلم بثورة شعبية قل نظيرها في وقتنا المعاصر هذا، وقد سميت بالأنتفاضة الشعبانية الباسلة التي أطاحة بالنظام، لو لا تدخل حكام بني سعود في اللحظة الأخيرة، وأعادو صدام تارة أخرى الى واجهة الأحداث.
كان اصرار بني سعود الابقاء على صدام حسين ليس حبا به، وأنما بغضا برجال الأنتفاضة الشجعان الذين أسقطو المحافظات العراقية، المحافظة تلو الأخرى بزمن قياسي، مما جعل ناقوس الخطر يدق في أروقة الرياض وتل أبيب، الذين علمو أن بديل نظام البعث الكافر، هو النظام الأسلامي قطعاً. لذلك قمعوا الأنتفاضة الشعبانية بدم بارد، وبقيت العلاقة بين بغداد والرياض في سبات، الى أن سقط البعث وزمرته وتحول العراق الى ما هو عليه اليوم.
نشطت العلاقة مرة أخرى بين بغداد والرياض بعد عام ٢٠٠٣ لكن هذه المره بضغط أمريكي اسرائيلي، لأحتواء بغداد وحكامها، على أن لا يكون لأيران بصمة في الساحة العراقية، خوفاً من التمدد الشيعي الذي ربما يصل الى تخوم دولة فلسطين المحتلة. لكن هذه العلاقة كانت بين شد وجذب، الى أن جاء ترامب الى دفة الحكم في واشنطن، فتغيرت ملامح العلاقة ببن الرياض وبغداد. فقد أفتتح سفارة سعودية في بغداد وكان سفيرها آنذاك المدعو ثامر السبهان، الذي كان ذا نفوذ و قوة مخابراتية، مما جعل الشارع العراقي ممتعضاً من هذا السفير وسفارته.
ذهب السبهان غير مأسوف عليه وجاءوا بآخر بعد أن رفضت القوى السياسية العراقية التواجد السبهاني على أراضيها. وظلت العلاقة فاترة، الى أن جاء آل سعود هذه المره بطريقة أخرى غير مطروقة لأقتحام الداخل العراقي عبر الأستثمار الأقتصادي السعودي في بادية الجنوب العراقي، وبأقتراح صهيوني أمريكي وذلك لأسباب سنأتي على ذكرها تباعاً.
أولاً الهدف من هذا الأستثمار هو قطع طريق المقاومة الذي سار بأتجاه الحدود الفعلية لدولة فلسطين، ومقترباً من الأحتلال الصهيوني، لذلك أستشعر الصهاينة الخطر القادم من الشرق. ثانياً، (أستثمار) الصحراء الجنوبية سيسهم بطريقة وأخرى للتمهديد بأنشاء الأقليم السني، في حال رفض العراق (التطبيع) مع كيان الأحتلال الأسرائبلي، فضلاً عن الأستنزاف المائي الجوفي من تلك الصحراء، مما يعرض الدولة العراقية الى مطب أقتصادي ضاغط على الشعب، فضلاً عن المطبات الكبيرة التي يتعرض لها الشعب العراقي بسبب سياسة واشنطن العدائية للشعب العراقي، وبالتالي يسهل عملية تطويع الشعب بأتجاه التطبيع الشامل مع كيان الأحتلال الأسرائيلي. ثالثاً، تمكين الأقتصاد الأسرائيلي من أمتصاص الأقتصاد العراقي عبر الأموال السعودية التي تنوي بها شراء ذمم بعض سياسي المناطق الغربية ممن يسير في الأجندة الخليجية بالضد من الجمهورية الأسلامية الأيرانية ومحور المقاومة الذي يرفض الذل بالتطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب. رابعاً وهذه أهم النقاط على الأطلاق، وهي أن تدعم سكان المناطق الجنوبية بأغراءات المال كي تنسلخ الجماهير شيئاً فشيئاً عن حاضنتها العقائدية، والتي ستصور للناس عقم السياسيين (الشيعة) بالتمكين والرخاء المجتمعي، وخصوصاً أن لدى بعض السياسيين الشيعة عثرات وهفوات كبيرة، ستنفذ من خلالها لأيصال الأجندة الخليجية، التي تعمل وفق مخطط السفارة الأمريكية الصهيونية، بالألتفاف على الشعب العراقي بأكمله.
لقد فشلت السفارة الأمريكية وأدواتها السعودية بمشروع داعش الأرهابي، الذي سحق على أيدي أبطال الحشد الشعبي، فعادوا اليوم بتلك المؤامرة التي ظاهرها أستثماري، وباطنها أستعماري، بعد أن أسقطو حكومة عادل عبد المهدي وجاءو بمصطفى الكاظمي المدعوم أمريكياً، والذي نعتبره أداة من أدوات اللعبة الأمريكية. تحاول اليوم السعودية قطع اليد الأيرانية التي وقفت مع الشعب العراقي بكل مراحله، ودق أسفين العداوة والبغضاء بين الشعبين العراقي والأيراني من خلال تسويق هكذا مؤامرات خليجية في العراق. لكن اليوم سلاح المقاومة، وصلابة الرفض العراقي، قد رسما ملامح المرحلة القادمة. اليوم سلاح المقاومة والحشد هما من يرسمان المسارات الوطنية.
قاسم سلمان العبودي